الاثنين، 9 يونيو 2014

استدارة حول معرض الكتاب الكويتي ( ذكريات رحلتي للكويت )




كتبت هذه المذكرة عام 1435 عقب زيارتي لدولة الكويت ومعرض الكتاب هناك :
(استدارة في معرض الكتاب الكويتي)لابد للكتابة  أن تمارس سطوتها متأثرة بمعرض الكتاب الدولي في الكويت بعد ارتكابي زيارته لهذا اليوم .كنت ابحث عن مكان للكتابة لا يهم ماهية المكان بقدر أهمية توفر المذكرة التي اكتب عليها الآن والتي تعود ملكيتها لصندوق المئوية وقلم من فندق رمادا دبي وطاولة وكرسي  ، كل هذه الأشياء امتلكها الآن لذا أنا أكتب والكتابة رياضة ممتعه بالنسبة لي كما المشي للبعض وكذلك الرقص للبعض الآخر .في المعرض أقسم أحدهم ألا يتركني حتى أصل لبغيتي حين سألته عن موقع المجلس الوطني للثقافة والفنون وأبر بقسمه .يعود الفضل بعد الله في تعرفي على هذا الصرح الثقافي للصديق العزيز محمد الرشيد حين أهداني عدة كتب من إصدارات هذا المجلس ، تتمتع إصداراته برقي الطرح ونخبويته وعمقه المعرفي .كان الجناح مقتضبا ولذلك اقترحوا علي زيارتهم في مقرهم الرئيس لأشبع رغبتي في الاطلاع على جميع إصداراتهم ، اكتفيت بمجلتين واحدة عن النقد الثقافي والأخرى في الفلسفة الحديثة وكتاب بعنوان ((أسئلة السعادة )) والحقيقة أن السعادة ومدلولاتها ومعاييرها شيء يشدني ذلك أن السعادة تصنع ولا تتبغى.نسيت أن أقول لكم أنني في مقهى يدعى (كوستا كوفي ) في المارينا التي تقع على حافة شارع الخليج الشبيه بشارع التحلية في الرياض وjbr في دبي والكورنيش في جدة ، تلك الشوارع لا تهدأ ولا تسكن إلا في فترات يسيرة.
فتاة بسيارتها الحمراء الشبيهة بأحمر الشفاه وقفت محاذية لسيارتي الخارجة من أحد الشعاب الممتلئة بالماء والطين ، غني عن الذكر أنها نظرت للسيارة بشزر كل هذا لا يهم المهم أن شابين حاصراها عن يمين وشمال بدراجتيهما النارية وضيقا الخناق عليها ، بطبيعة الحال لم تتحرك نخوتي لردعهما وإن ضاق صدري لسببين الأول أن الفتاة كانت تترنم على وقع أغنية غريبة وأسمعت من حولها والثاني أنني عابر سبيل ولست بحاجة لمزيد من العناء خاصة وأنني كنت أبحث عن مكان مناسب لفعل الكتابة بأسرع وقت.في المعرض صادفت الكاتب خالد الباتلي كان يوقع على إصدارته في الدار التي تنشر له ، فعبرت سريعا ولما عدت بعد فترة وجدته فارغا فسلمت علية وعقدت معه صفقة استضافة لنادي القراءة الذي أسسناه ، ولم يمانع أبدا وهو خلوق واقعا كما هو افتراضيا في توتير .بعد جولة متباطئة وغير مرضي عنها تحولت لإداء صلاتي المغرب والعشاء جمعا مؤخرا ثم سرت نحو قاعة الندوة الثقافية والتي كانت تحكي عن تجارب في الكتابة الإبداعية بإدارة الكاتب اللطيف عبدالله العثمان . جمعت ثلاث كتاب  من السعودية والإمارات وقطر نسيت أسماءهم وبقي الأثر الجميل الذي حكوه عن تجاربهم وأبرزها أنك تكتب لتستمع مع احترام الجمهور .تسكن أرض المعارض في الكويت في منطقة تدعى مشرف وهي ( أرض المعارض ) تضم عدة صالات للعرض وتقام هناك الكثير من المعارض ويحدث أن تتعارض ثلاث معارض بتوجهات مختلفة في وقت واحد وربما أقل كما حدث بين معرض الكتاب والمعرض الاستهلاكي وكم كنت اتمنى أن يبقى معرض الكتاب متربعا لوحده هذه الفترة دون أن يزاحمه أحد ولذلك انت ترى ازدحام السيارات المتوجة للداخل ولكنك لا تدري إلى أين هم ذاهبون فثمة مطعم ماكدونالدز وملاهي للأطفال ومعرضين وبائعو ذرة وفشار ومسطحات خضراء في مكان ملائم اقتصاديا للعائلات الطبيعية نعم طبيعية وهناك عائلات مدنية لا تتنازل عن اختيار مطعم أو مقهى يحمل ماركة عالمية أو محلية ذات سمعة كما أن المسطحات الخضراء وجلسات القهوة البسيطة هي محرمة في عرفهم التنزهي و يالندامة هؤلاء وخسارتهم .لكم أن تتخيلوا ما هو أهم حدث وأغربه بالنسبة لي في تلك الرحلة ؟!الذي حدث باختصار أنني وبعد نيف وعشرين عاما من ولادتي رأيت عمتي من الرضاعة وقبلت رأسها ، ومكثت في ضيافتها ليومين ، والحق أن هذا البعد الزمني في لقاءنا اربكها قليلا لدرجة أنها كانت مترددة وتملكها الخجل حين مددت عنقي لتقبيل رأسها ، ولست بحاجة للحديث عن لطفها وسعادتها بي حتى أنها أحضرت صورها وهي شابة لتريني إياها هذا كله في اليوم التالي طبعا ، ما أعذبك يا عمتي وأولادك الذين طوقوا مائدتك يوم الجمعة  .لأهل الكويت نكهة خاصة ولذيذة في تداول أحاديثهم ، غير التي نراها في المسلسلات ، والسير بشكل متفرع في الحديث الواحد تماما كما نفعل في السعودية .الحديث عن مجلس الأمة و البدون وسحب الجنسيات كان حاضرا بلا شك ، والأهم مقارنة سقف حرية التعبير السلمي بين الدولتين الشقيتين ، كان الحديث في الحديقة الخارجية وعلى مسامع المارة ، ولذلك أنت بحاجة لتنشيط الدورة الحقوقية من خلال زيارة الكويت والاقتصادية والرفاهية من خلال زيارة الإمارات .يتبع الأسبوع القادم بإذن الله
(2)سأروي لكم وصفا مختل التوازن لمعرض الكتاب ، يتكون من ثلاث صالات بواجهات زجاجية هي على الترتيب (5-6-7) على شكل حرف إل باللغة الإنجليزية (5-6) تمثل العصا الطويلة و(7) تمثل العصا المقصوصة ، وبإمكانك الدخول من أي بوابة من تلك البوابات دون عناء المرور على الجهاز الأمني (كاشف الأسلحة)كما في معرض الكتاب الذي تعرفون وأعرف ، وربما أحسن العسكري بك الظن وأوقفك ليمرر الجهاز اليدوي على أجزاء جسدك في مسرحية مقرفة أمام الزائرين تجعلك تكره القراءة والكتابة .وكم أخشى أن يأتي ذلك اليوم الذي نظن فيه عند زيارتنا لمعرض الكتاب بأننا سندخل إلى مبنى البيت الأبيض!، كل هذا لا يهم يا رفاق المهم أن يقام المعرض ولو على وقع قذائف الهاون المشابهة لتلك التي أطلقتها ميلشيات عراقية على أحد المنافذ الحدودية .إذا لم تخني الذاكرة فأنا كنت أتحدث عن الصالات ؟
نعم هو كذلك حين عدت إلى ما قبل خمسة أسطر ، بالنسبة لي أوقفت مركبتي خارج أسوار أرض المعارض وسرت علي قدمي حتى ولجت من بوابة الصالة الخامسة ، في مقدمة الصالة (كشك) لبيع القهوة والعصائر وبعض أنواع (الساندويتش) وهذه لفظة أعجمية تقابلها في العربية (فطيرة) ولم أكن أنوي كتابة المرادف العربي لها ولكني تذكرت قصيدة حافظ إبراهيم (اللغة العربية تنعي نفسها ) فخجلت وكتبتها ، ونثرت في زاوية الصالة عدة طاولات بمقاعدها لمن يرغب ارتشاف كوب قهوة ساخنة كما فعلت في منتصف رحلتي المعرضية .أما المقدمة اليمنى والتي احتلت مساحة كبيرة لعرض صور للفنون التشكيلية والفوتوغرافية (سامحني يا حافظ لن أكتب المرادف هذه المرة ) ، من السيء أن أخبركم بأنني لم أكترث به ، رغم إعجابي بمثل هذه العروض في الغالب ، يبدو أن حضرة الكتاب تنفي كل شيء سواه .وها نحن نقترب لوسط المقدمة حيث البوابة الداخلية والتي هي عبارة عن باب خشبي بعرض مترين وطول يساويه وعلى يسار الباب نصبت لوحة أرضية تعلمك بأسماء دور النشر التي تحتل مواقع متفردة في الصالة وبجانب كل دار رصف اسم الدولة ، كانت الصالة مخصصة لدور النشر الخليجية ، والطرفة التي كانت حاضرة في معرض الرياض وكنت أظنها لا تتكرر في بلد آخر والطرفة كانت بتجمع الزوار وازدحامهم دار الآفاق الكويتية تماما كما تجمع زوار الرياض حول العبيكان! ، بمعنى آخر هذه المكتبات متوفرة لك طول طوال العام أيها المواطن العزيز ولست مضطرا للاصطفاف خلف الزبائن المتكدسين هناك ، استفد من الدور التي لا تحضر إلا هذه الأيام القلائل .الصالة رقم ستة كانت متاحة لدور النشر العربية ، وكانت شبه خالية من الزوار سوى الريس وجارتها بسبب توفر الروايات الفضائحية الخليجية،وقد انصب الجميع على صالة رقم خمسة التي تحوي الدور الخليجية.أما الصالة الأخيرة وهي التي تحمل الرقم سبعة فهي التي يمنع دخولها للرجال في السعودية ، أي لا بد أن يكون معك إما طفل أو طفلة أو امرأة رغم أن المعرض بأكمله مفتوح للجنسين في الوقت نفسه ،نعم يا رفاق هو جناح الطفل الذي حرمت من دخوله قبل العام الماضي بسبب غباء المسؤول و شكرا للقائمين على معرض الكويت لأنني دخلته دون قلق .أوصاني أحد الأصدقاء بشراء ثلاثة نسخ من كتاب د عبدالله النفيسي (أيام من العمر الماضي) وهو كتاب يحكي فيه عن ذكرياته بأسلوب بسيط جدا نستطيع القول بأنه أسلوب حكواتي ، والكتاب صادر عن دار آفاق ، لم اقتن نسخة رابعة لي حتى لا أتهم بأنني متهم بفعل إشارة رابعة العدوية وأحرم من دخول مصر بسبب هذه التهمة (مداعبة) وإن كنت قرأت فصلا كاملا من النسخة التي اخترتها هدية لصاحبي ،ذلك أن الكتاب لم يكن في جدول مشترياتي، وقد منَ الله علي منذ زمن بأن أجعل عناويني واضحة ومحددة وأن أتجنب التسويق والزخم الإعلامي والرأسمالي للكتب أيا كان مؤلفوها ، وأنا بحاجة لمزيد وقت وإمعان فكر عند شراء أي كتاب ، ذلك أن المضخات الناشرة تقذف بآلاف الكتب منها الغث ومنها السمين والمتردي ومنها ما لا يمكن قراءته دون حبوب مهدئة أو وصفة مناعة ضد بعد السخافات التأليفية ، كما أن القراءة النوعية مهمة في جدا هذا الزمن .تعرفون مسبقا أن أكثر الزوار هن معشر النساء وأكثر الكتب المشتراة هي الروايات والقصص والأشعار .وقد شاهدت فتاة لما تبلغ الحلم بعد قد عبأت يديها بكتب نزار قباني و يا ويح قلب هذه الفتاة المسكينة عند قراءتها لأشعار نزار الملتهبة ، وهي بين أمرين إما أن يزداد وزنها بسبب العشق من خلال فتح الثلاجة والتهام المزيد من الطعام عند أدنى هم عشقي أو العكس تماما.وأنا أقول لك يا صغيرتي لو قدر لك أن تقرأي كلامي هذا ألا حب يدوم سببه الأول الأشعار الغرامية ولا حب ينمو في أوهام الوحدة والتعلق بالمظاهر ، إنما الحب مزيج من إخلاص ووفاء وتضحية وصدق مشاعر نابعة من صياصيم القلب ذلك الذي نجده واضحا جليا في أمهاتنا وآبائنا حين يعاملوننا ، إن كان كذلك وإلا فالحب كذبة كبرى ولعبة مدمرة نظنها ممتعة ومسلية وهي القنبلة الموقوتة لأفئدتنا ، فأعيدي تلك الكتب لمحلها وحين تجدين حبا يتوفر فيه الذي قلت لك فأقتني كل قصائد الأرض ، وكذلك أنت أيها الشاب المتلهف شوقا لحب تعيش معه أقول لك كما قلت لها .(3)أظن أنه من الممتع أن أحكي لكم عن أكشاك بيع الذرة والبطاطس في المعرض ، وهي محل سخرية في وسم # معرض الكويت الدولي من قبل بعض المغردين وكانوا يقارنون بين مبيعات الكتب والذرة والبطاطس .رصفت هذه الأكشاك خارج صالات العرض في الهواء الطلق على رصيف الفناء الخارجي ، تأملتها قليلا ، يتقاسمها لونان هما الأصفر والأزرق وكان الباعة يتألقون بتقليب الذرة على صفيح معدني مستدير قد غلف بقصدير يحمي الذرة ، وكان الزبائن يتابعون ذلك المنظر المهيب لشقلبة الذرة الصفراء بأنامل هندية حكيمة !ولي مع هذه الذرة حكايات جميلة في طفولتي حين كنا ننتقل في الصيف للعيش في شقتنا في دمشق ، كان باعة الذرة المتجولون يدفعون عربات على شكل مربع بعضها لها أربع عجلات أخرى على ثلاث ، وقد جعلوا وسطها حفرة مستديرة ليسقطوا فيها الإناء الذي تسبح وسطه عرائس الذرة الطازجة وكنا نسميها (عرنوس ) يعبر حارتنا بائعان الأول يعصب رأسه بقطعة قماش غريبة وكأنه سيحارب وهذا لا أحبذ الشراء منه لأن ذرته إما أن تكون حباتها قاسية أو العكس وكانوا يسمحون لنا بجسها ، ولكم أن تتخيلوا كم يدا تمس الذرة الحارات التي تسبق حارتنا !أما الثاني فهو أصلع ومتوسط الطول وله ذقن خفيفة ويتحدث بلهجة فلسطينية  وتعجبني ذرته ثم إنه مع الزمن أصبحت أترك اختيار الذرة له دون جسها وتقليبها ، إنها الثقة يا رفاق .في السعودية لا تعجبني الذرة أبدا سوى تلك التي تباع في جبال الطائف ، خاصة حين تكون مشوية .

الخميس، 6 فبراير 2014

أزمة المتلقي في الإعلام الحر




ما زالت صحفنا الرسمية تسير على طرائق وتصورات رؤسائها رغم كل هذه القفزات التي يمر بها الإعلام السعودي الحر.
هذه العقلية هي التي كرست مفهوما وحيدا لدى المواطن وهو (عدم الثقة بالصحافة الرسمية ) وهنا سيتشكل وعي لجيل قادم وفقا لرؤية وتصورات الإعلام الحر وهو إعلام متنوع ما بين عاقل ومتهور ومحارب وغير ذلك من التوجهات المتعددة والتعدد حالة إيجابية إذا أحسن التعامل معها وبها .
ولكن التعددية هنا تقودنا لتباين واضح في آراء المجتمع وفق من يثقون به أو لنقل الأكثر إثارة في الحالة السعودية الراهنة .
إننا نعيش حالة مرعبة في انقيادنا للمؤثرات الإعلامية من حولنا ، حالة تسودها العاطفة والالتفاف حول الأكثر تمرسا في اللعبة الإعلامية وإهمال صوت العقلاء والمنحازين للرؤية المتوازنة للأحداث ، ولسنا بدعا من الأمر فسنة المجتمعات أن تتفاعل مع الفوضى والأصوات العنترية وتهمل الأصوات الحكيمة حتى تقع على رأسها .
يلاحظ المراقب للحالة السعودية في تويتر على سبيل المثال أن ثمة اصطفافا وانحيازيات بأشكال متعددة نصرة لأسماء وهوامير تويترية بعيدا عن الاتزان المنهجي والتكامل المعرفي ، مما خلف صراعات تافهة حول تغريدات تحمل أفكار أشخاص وآرائهم النابعة من تصوراتهم الثقافية وربما آرائهم الشخصية للواقع المعاصر ، وبذلك دخل الإعلام الحر من حيث نشعر أو لا نشعر في فوضى التحزب والتراشق ، علما أن هذه الوسيلة الإعلامية هي جزء من منظومة إعلامية ضخمة تتمتع بحرية كاملة في تصدير ما تريد إعلاميا .
هذه الحالة تعيدنا للمربع الأول من عملية الإصلاح والنقد الثقافي الداخلي قبل عقد من الآن حيث كانت الصراعات الشكلية في المنتديات الحوارية هي الحاضرة في الغالب مفتقدة النقد المنهجي والموضوعي .
حالة الارتباك والعشوائية في الإعلام الحر تعطي مؤشرا واضحا عن ضعف الوعي نحو استخدام هذه التقنية الإعلامية في الإصلاح الاجتماعي والثقافي والسياسي .
ومما زاد حالة الفوضى تأثر بعض النخب وأصبحت وإن بشكل غير مباشر تحت وصاية الجماهير من خلال التغريد بما يرغبون وإلا كان عرضة للهاشتاق وانفراط المتابعين ، وهنا بدأت الأزمة التي إن استمرت فنحن بلا شك نسير نحو معضلة ثقافية وإصلاحية عظمى .
وهنا يحضر التساؤل الملح ، لماذا هذا التخبط في التعاطي مع الإعلام وأدواته من قبل المتلقي ؟
لمَ المتلقي وليس الكاتب الإعلامي أو المجتمع ! الحديث هنا عن المتلقي كمستفيد وكمنخل للأفكار التي تطرح أيا كان مصدرها وحاولت التركيز عليه لأنه الجزء المعرض للخديعة في الغالب ، وهو بلا شك المسؤول عن نفسه . وربما أفرد مقالا للكتاب وغيرهم.
لأننا هنا في صدد الممانعة وليس في صدد إملاءات فضائلية فيما يجب أن يكتب الكاتب حيث أن لهم توجهات متعددة منها حسنة ومنها سيئة ومنها ما هو من نوع (دس السم في العسل ) ، على سبيل المثال من الصعب أن أطالب الشبكة العنكبوتية بمنع كل ما يخل بعقل وفكر المتلقي ! بل الأجدر أن أصنع وعي وجدار ممانعة لدى ذهن المتلقي وهنا المقصد .
إن الإجابة على السؤال بحاجة لتأمل ومتابعة للواقع واستطلاع عريض ، السؤال هنا لإشعال فتيل البحث عن نضج في التلقي مع وسائل الإعلام المتعددة .

رابط المقال :

http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-42-195179.htm

الجمعة، 31 يناير 2014

نقطة مخدرة !



يبدو أن فكرة اقتناء دفتر لأجل كتابة نص ، أيا كان ذلك النص فكرة مغرية و لذيذة ، سرقت هذه الفكرة أو سرى تأثيرها حين كنت منكبا على شاشة جوالي الضيقة لقراءة رواية فوضى الحواس حين تحدثت أحلام عن اقتناء دفتر فقط لأجل كتابة نص جديد .
حقيقة ل أدري ما الذي سيحدث لاحقا في الأسطر القادمة لأنني أكتب الآن من أجل فعل الكتابة تماما كمن يثرثر وفي كلا الحالتين تنفس وفتح لمسامات الصدر المغلقة غير أن الكتابة تشعرك براحة أعمق وباسترخاء طويل ، نعم يا رفاق نحن نتخدر بشكل تصاعدي منذ أول حرف وحتى آخر نقطة  في نهاية السطر الأخير لنضع القلم جانبا ونستلقي ذهنيا ، نصاب بالراحة بعد هذا الانفجار الكتابي تماما كما يحدث مع البعض بعد أن ينفجر باكيا لفترة معينة .
من الجيد أن أقول أنني بدأت ألحظ بأن خطي تحسن في هذا السطر بالذات ، فأنا على مشارف منتصف النص يعني أن حالتي المزاجية بدأت تتحسن شيئا فشيئا كمن يصعد جبلا معبد الطرقات وكلما زاد صعوده زادت كمية الهواء المستنشقة وزادت سعة رئتيه ، وظهرت له مناظر جميلة أسفل هذا الجبل .
يا إلهي ! هل ما زلتم تتابعون القراءة ؟!
انسحب الآن من الحياة إلى زمرة دفتري الجديد وقلمي الأسود وسردي المعتق ، يا له من شعور جميل أن يسير القلم طواعية بين يديك وأن يحكي عن السرد بتفاصيل مختفية الملامح ! إن كتابة كل فكرة تمر مسرعة في بلادي جريمة يعاقب عليها الرقيب الحكومي والاجتماعي وغير الاجتماعي رغم أن هذه الأفكار ساذجة و بريئة في الغالب .
أذكر أننا زمن الطفولة كنا نخشى أن نتحدث في مجالس الرجال لأن أكابرنا كانوا يخشون أن نلفظ ما يحرجهم ، وكان البعض يقذفنا بأسئلته المدمرة ( تحب أمك أو أبوك أكثر؟) فنصمت ويعيد الأبله سؤاله ويتدخل أحدهم حين يرى عيوننا تقف حائرة أمام هذا السؤال المحرج ليقول قل له (نحبهم كلهم زي بعض ) ، لاشك أن هذا ما يحدث معنا في كبرنا حيث نتحدث عن الحقوق والأخطاء والنقد لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة خاصة تلك التي نعمل داخلها ، الحقوق معلبة والأخطاء كذلك والنقد تماما كالذي علب إجابتنا في صغرنا (قل له نحبهم كلهم زي بعض).

والآن سأضع النقطة التي ستخدرني حتى إشعار آخر . 

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

إنها مهرة


-    هل تسمحين لي بهذه الرقصة ؟(1)
-    اللهم إني اسألك علما نافعا .
-    لعنة الله عليها.
-    هل تسمحين لي بجلسة مصارحة؟
-    كم أنت سيئة وقبيحة و نكدة.
-    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا.
-    أنا مستمتع جدا وسعيد بمقابلتك.
مرحبا يا رفاق ،،
العبارات السبع أعلاه تأتي غالبا ضمن سياقات أحاديث الناس المختلفة مع مذاكرة المواد الدراسية زمن الاستعداد للامتحانات النهائية ، ولكم أن تتصورا الحالة الذهنية والمزاجية لكل عبارة ذكرت .
بالنسبة لي سأختار الأدعية ابتداء ثم سأتحدث مع المادة الدراسية بصفتها الأنثوية لتكون رقيقة الطبع ، وستكون مهرة لم تعسف بحسب خيالي الملحد حاليا نحو الخيل والفرس والمهرة .
سأقضي على تعسفك يا مهرتي الحلوة ، وسأكون هادئا جدا، لن أضربك ولن أشد وثاقك بعمود حديدي تدورين حوله ، ولن أصرخ في وجهك البريء .
كل ما سأفعله الآن ، أن أهيأ عقلي للشروع في عالمك وذاكرتي للاحتفاظ بكلماتك وجملك المتأنقة .
صدقيني سأتزين لك وسأتعطر وستكونين دوما على المنضدة حين اللقاء ، حتى القلم الذي سأدون به بعض التعليقات على متنك سيكون فاخرا يليق بك وسأختار حبراً أسودا لأن الأسود يليق بك حيث الفخامة .
أظن أن كل جلسة من جلساتنا لن تتجاوز الساعة إلا ربع ، لنبتعد قليلا وليستعد كل منا للمقابلة التالية بروح جديدة ، سأقسم أبوابك وعناوينك بحسب طاقتي الاستيعابية حتى وإن اضطررت لمزيد وقت في صحبتك على أن يكون ذلك محل قبول منك   و ليونه .
وكما تعلمين فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، هكذا سأعسفك يا مهرتي .(2)
________________________________________________
هوامش:
(1) البعض يدرس على وقع أنغام أغنية رومانسية وهذا لا يليق بنا شرعا ، وبدأت بها كمقدمة ملفتة .

(2) رجاء يا شباب الحديث أعلاه عن المادة التي ستذاكرها وليس عن فتاة أحلامك.

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

مرارة الفقد

 
تسقط الأوراق في الخريف فتستحيل الأشجار يابسة شاحبة ، هكذا البشر حينما يفقدون أعز أوراقهم .تنثر الملائكة أكفانها وحنوطها وتنتظر ملك الموت ليستل من الجسد الأمانة المودعة فيه
وحول الجسد تلتف الزوجات والأولاد والبنات ، لا يدرون عن شيء
( فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ( 83 ) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ( 84 ) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ( 85 )
وتبتعد الروح نحو السماء ثم يعلم الجميع بما حدث ويجثم شبح الحزن عليهم ، ويأتيهم الفزع من حيث لا يشعرون ، تنهمر الدموع ويتدثر الجميع بدثار البكاء والفقد ، وقليل من عباد الله صبور شكور!
يصدق بعضهم الخبر والبعض الآخر يكذبه (مات ، لا لم يمت بعد،، هو في غيبوبة )
يستضيء الحي بأضواء سيارة الإسعاف المتلونة ، ويحمل الجسد إلى المستشفى، فيقرر الطبيب وفاته بعد أن قرر الرب سبحانه الوفاة بوقت ، وتعرض الروح على السماء الأولى وينظر آدم عليه السلام أي الفريقين سيأمرها ربها بالتوجه إليه.
يترك اسمه وينادى عليه بالميت بعد أن ملأ الدنيا حيوية و نشاطاً .
وفي مغسلة الأموات كل شيء يذكرك بالموت ، الميت والأكفان والكافور والمسك حتى هدير الماء المسكوب ، وكأن المشهد يوحي للجميع بأنكم ستكونون يوماً ما هنا لتكفنوا .
عندما دخلنا المقبرة:
رأيت مرارة الفقد تلتحفها وجوه كانت بالأمس تقبض على الفرح وهي ملتفة حول وجه أبيها.
أثناء دفن الميت:
يؤمل الشباب عمراً طويلاً،وينتظر الشيب أدوارهم ويستمتع الأطفال باكتشاف عالم جديد ويرون ولادة الإنسان من سطح الأرض إلى رحمها .
أحسن الله خاتمتنا.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

عربة قطار (حكاية الرحلة القطارية )

 
 
 
كل ما يمكنني فعله الآن الكتابة بحرية ،
حضرت محاضرة النحو في الزمن الأول من الرحلة ، ثم أخذت اقرأ للأعرج عرجه الأدبي ، ثم كتبت قسطا من رواية مخيم اليرموك ، حتى بلغنا الهفوف ، كانت العربة فارغة إلا مني وستة يزيدون ، نزل منهم أربعة وبقي أنا ورجل خمسيني ، قلت في نفسي يبدو أنني سأصل وحيداً إلى الدمام بما أن محطة بقيق قد تبقت لنا ، لكن فوجاً من النساء والفتيات اقتحم العربة ، نعم فوج وعملية الاقتحام كانت ملفتة للنظر ، بالنسبة لي على الأقل كونِي لأول مرة اركب قطارا في رحلة طويلة تعبر محطتين وتقف في الثالثة .

هذا الرجل الخمسيني أحد أعضاء مجلس الشورى واكتب الآن وهو يقوم بإجراء مكالمة هاتفية ، وأبلغني بأن مجلس الشورى رفض قرار هيئة الاتصالات بشأن التجوال والواتس آب والسكايبي نظراً لأسباب يرى مصلحتها مجلس الشورى ، سألته وهل ستنفذ الهيئة هذا القرار ، قال لا بد من ذلك .
اتمنى أن يكون لا بد من ذلك !.
هل حدثتكم عن قصة الملك فيصل ؟
يقول غازي القصيبي لما ذهب الملك فيصل بالقطار من الرياض إلى الدمام لم يتكلم إلا بكلمات معدودة ، ولم يتحرك من مقعده أبداً ، وكان يتأمل كثيراً في الصحراء .انتهى
رحمك أيها الملك الحكيم أين أنت عن هؤلاء النسوة والأطفال الذين يعتقدون أنهم في صالة منزلهم !، الغريب أن العائلة المزعجة التي كانت معنا منذ بداية الرحلة هي هادئة الآن مقارنة بأربع فتيات جلسن على طاولة تحوي أربعة كراسي على مقربة مني، وربما أن إحداهن قد رمت ببصرها نحو ما اكتب عنهن ، وأنا انتظر أن ترفع إحداهن عقيرتها بسبب ما أكتب ، حقيقة اكتب وثمة خوف يحلق حولي !، لكن لا بد من فعل الكتابة .
بشكل عام الرحلة ممتعة جداً بما أن الخيارات المتاحة وحيدة ، بقي أن أقول أن النافذة التي بجانبي بحاجة لتنظيف من الخارج .

الجمعة، 15 نوفمبر 2013

على سطحنا الهابط


اعلم أنني سأثقل رؤوسكم المهترئة بسبب مسامير الحياة التي تطرقكم صباح مساء ولكن لا بأس فمن الثقل ما يخفف الألم ، لكم أن تشعروا بالخدر ، الخدر شيء لذيذ إذا تعملق الألم .
اجلس على سور سطح منزلنا الهابط ، تتدلى قدماي وأراوح بينهما برفع كل واحدة منها نحو الأعلى بشكل ممدود محاولا الإبقاء على نعلي في وضع التعلق بأصابعي.
النعل يبقيك شر الالتصاق بالأرض التي وطئتها أقدام نجسة كالتي تعرف وأعرف ، أما أحذية النساء العالية فهي لسببين ، طبعا لا علاقة لها بزيادة طول المرأة ! وإنما لتقي نفسها الحصى المتطاير من تحت نعل الرجال أو لتكون في مستوى يسمح لها بالتنفس جيدا وسط الركام الذي يتكوم حولها .
هذه فلسفة سطحنا العتيق الذي سقطت منه قبل أعوام وتشبث بي الجنون كما يقولون .

ربما تكون قصة طويلة يوما أو رواية قصيرة إذا رغبت .